تحريم النميمة
رياض صالحين
257- باب تحريم النميمة، وهو نقل الكلام بَيْنَ الناس عَلَى جهة الإفساد:قال في القاموس: النمُّ: التوريش والإغراء ورفع الحديث إشاعة له وإفسادًا، وتزيين الكلامبالكذب.قَالَ الله تَعَالَى:}هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَميمٍ{]القلم: 11[.قال البغوي:}هَمَّازٍ{مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة.وقال الحسن: هو الذي يغمز بأخيه في المجلس. كقوله: همزه.}مَّشَّاء بِنَمِيمٍ{: قتات يسعى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم.وقال تَعَالَى:}مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ{]ق: 18[.أي: حافظ حاضر أينما كان.قال الحسن: إنَّ الملائكة يجتنبون الإنسان على حالين: عند غائط، وعند جِمَاعِهِ.1536- وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُالله صلى الله عليه وسلم:»لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ«. متفق عَلَيْهِ.في هذا الحديث: وعيد شديد للنمّام، وزجر عنالنميمة.1537- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ:»إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ! بَلَى إنَّهُ كَبِيرٌ: أمَّا أَحَدُهُمَا، فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وأمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ«. متفق عَلَيْهِ. وهذا لفظ إحدى روايات البخاري.قَالَ العلماءُ معنى:»وَمَا يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ«أيْ: كَبيرٍ في زَعْمِهِمَا. وقِيلَ: كَبيرٌ تَرْكُهُ عَلَيْهِمَا.في هذا الحديث: إثبات عذاب القبر، ووجوب إزالة النجاسة مطلقًا، والتحذير من ملابستها.وفيه: أنَّ النميمة من الكبائر.1538- وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النَّبيّصلى الله عليه وسلم قَالَ:»أَلا أُنَبِّئُكُمْ مَا العَضْهُ؟ هي النَّمَيمَةُ؛ القَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ«. رواه مسلم.»العَضْهُ«: بفتح العين المهملة، وإسكان الضاد المعجمة، وبالهاء عَلَى وزن الوجهِ، ورُوِي»العِضةُ«بكسر العين وفتح الضاد المعجمة عَلَى وزن العِدَة، وهي: الكذب والبُهتان، وعلى الرِّواية الأولى: العَضْهُ مصدرٌ يقال: عَضَهَهُ عَضهًا، أيْ: رماهُ بالعَضْهِ.قال في»النهاية«: القالة: كثرة القول، وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى للبعض عن البعض.258- باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إِلَى ولاة الأمور إِذَا لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حاجة كخوف مفسدة ونحوها:قَالَ الله تَعَالَى:}وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{]المائدة: 2[.قال ابن كثير: يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات، وهو التقوى، وينهاهم عن التَّناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم.وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.1539- وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَرسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:»لا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا، فإنِّي أُحِبُّ أنْ أخْرُجَ إِلَيْكُمْ وأنَا سَليمُ الصَّدْرِ«. رواه أَبُو داود والترمذي.في هذا الحديث: الحث على الستر، وإقالة ذوي الهيآت عثراتهم.قوله:»فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر«، أي: وذلك إنما يتحقق عند عدم سماع ما يؤثر في النفس حرارة، أو أثرًا ما، بحسب الطبع البشري.
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق
شكرا على المرورك الطيب